الخميس، 2 فبراير 2023

ليه في نداهة بس مفيش نداه؟ - أمام مصنع الكراسي

ليه في نداهة بس مفيش نداه؟ - أمام مصنع الكراسي - عبدالله ناموس
ليه في نداهة بس مفيش نداه؟ - أمام مصنع الكراسي


طوكيو _1900

صياد بيدنو للشط بالقارب بتاعه بعد انتهاء يوم عصيب وإذ يرتمي لمسامعه صوت عزف مُريح للأذن ، لما وجه بصره تجاه مصدر الصوت وجدفاتنة برداء أبيض علي الجانب الأخر من القارب، ملحقش يدقق في ملامحها للأسف بسبب أرجل

العنكبوت الي خرجت من ضهرها وأسنانها الي بقيت مناشير قبضت علي رقبته لحد ما لقى حدفه.


في نفس الساعة دي على بقعة أخرى من العالم حيثُ يوجد عاطف فلاح بسيط خارج من بين حقول الذرة بعد يوم عصيب برضه مش عارف ليه ومتوجه لبيته الموجود علي مشارف القرية ومعزول عنها ، فبيلاقي صوت ناعم جاي 

من جهة النهر بينطق اسمه بعذوبة وبيناديه "عاطشييف " ، بيخدر الصوت حواسه وبيخليه يتجه لا إراديا ناحيته ، والباقي انت عارفه.


مش محتاج تفكير كتير عشان تستنبط ان الأخيرة هى النداهة أحد أشهر الأساطير الريفية ، بينما بطلة الفقرة الأولى هي "gory gomo" ودي أسطورة منتشرة في شرق أسيا عن وحش بيتجسد ل "الرجال " في صورة فتاة جميلة بتعزف علي عود وبتدعو ضحيتها للمواعدة "مشيها كده " بعدين تفتك به في أقرب فرصة بعد ما بيتحول جسدها بالكامل لعنكبوت ضخم ، ومشكلتي مش مع التشابه لأن طبيعي ان الحضارات متأثرة ببعضها وبتتشارك تراث انساني كبير لكن المشكلة الحقيقية هو انه الشخصية الشريرة في القصتين كانت مرأة .


الموضوع مش بس مقتصر علي الاتنين دول ، لو تأملت في النتاج البشري من الأساطير والحكاوى الشعبية عند اي عرق حضاري هتجد اغلبها عبارة عن قصص بتتناول شخصية نسائية متجسدة في شبح أو شيطان أو كيان مبهم بتمارس أفعال وحشية ودموية تجاه البشر عامة والرجال خاصةً زي ميدوسا عند الإغريق وإمراة الثلج في اليابان وأم الصبيان في العراق ، في حين انك لو حبيت تقلب المعادلة مش هتخرج بنفس النتيجة بل بالعكس معظم الاساطير الي شخصياتها رجال بتتناولهم على انهم ابطال وبتنسب ليهم شيم كريمة بل أحيانا بيكونوا هما الي بيخلصوا العالم من شرور الشخصية النسائية في الأول ، وهنا انا بتكلم عن الحكايات الخيالية مش الشخصيات التاريخية الي هي بالفعل تستحق القدر من التبجيل .


التحيز الواضح لجانب على التاني هو انعكاس طبيعي لرأي أصحاب الكلمة والتأثير في الناس على مدار التاريخ في المرأة ، فهنجد اعتبار الكهنة اليونانيين ليها انها مجرد وعاء لتفريغ الشهوة وأداة للإنجاب من أجل إنتاج الذكور الي هيكون ليهم شأن في الفلسفة والعلوم والرياضيات وعمك أفلاطون الي ثبت نظرية ان المرأة هي من جنس البشر لكنها جنس متدني مش المفروض انه حد ياخد برأيه غير بعد تخطيها سن الأربعين وأنها سبب فساد المجتمعات وهدمها ، ورغم إنصاف الشرائع السماوية للمرأة لأنها لا تحتكم لكلام البشر الا انه بعض رجال الدين اليهودي والمسيحي فيما كان ليها فتاوى غير موضوعية في المسألة دي زي كليمنت السكندري الي اعتبرها أداة خلقت للغواية وادخال الرجل للنار وهلاكه ، والأمر مختلفش كتير عند أصحاب الفكر المعاصر والي بيتم تصديرهم لينا على انهم اصحاب كلمة حرة فهتلاقي رأي نيتشة في المرأة على أنها مسخرة فقط من أجل الرجل وملهاش اي دور فعال في التنمية المجتمعية


مع دخول الإسلام اختلف الأمر تماما لأنه صحح المفاهيم المغلوطة عن الأنثى من خلال الأيات والأحاديث الي بتوضح كيفية التعامل مع المرأة وبتبرز قيمتها ودورها مجتمعيا كأم وكزوجة وكعاملة في التجارة وطبيبة وصدر لينا الدين الاسلامي نماذج كتير لشخصيات نسائية نقدر نحكي عن سيرتها وبطولاتها أبرزهم أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها.


لكن للأسف مع التقدم في الزمن بنبدأ نرجع لنفس النقطة مع اختلاف المسميات فهتجد ظهور عادات وتقاليد مسيسة ومصاغة لرغبات بشرية خبيثة بتعامل البنت بشكل مش بيختلف كتير عن الي قبل كده عن طريق منعها من التعليم وممارسة عنف نفسي وجسدي تجاهها تحت مظلة التربية أو  الاحتكاك لمفاهيم مغلوطة بيتم تصديرها علي انها من الدين ، وعلى الجانب الآخر من العالم مش هتلاقي انه العالم الغربي تعلم من أخطاء أجداده بالعكس بيتم استخدام المرأة كسلعة عن طريق انتاج الأفلام الاباحية وما داخلها من كواليس سوداوية تجاه الأنثى وحالات الاغتصاب والقتل الي ممكن تبحث انت عن احصائياتها. 


بيتهيألي بعد كل ده مش لازم تتضايق من عدم وجود نداه في الأساطير ، لانه موجود في الواقع فعلا .

Seeking for knowledge and wisdom

وجود نقطة بيضاء وسط سواد كتير شيء حتمي ، احنا بقا جايين هنا عشان نزاحم ونوجد لينا مكان في النقطة دي.

أي إستفسار يمكنك وضعه في التعليقات.
قيم الموضوع اذا أعجبك.

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.